في باحة المطار،وذات صباح خريفي، حقائب سوداء ودموع، أياد تلوح مودّعة وأخرى تحتضن مرحبّة، تمتزج المشاهد وتتكلم لغة القبلات والعناق، هو الآخر يضم والدته لايتذكر آخر مرة فعل ذلك، ينتقل إلى والده متأكداً أنّ جسديهما يلتقيان للمّرة الأولى فتلتصق رائحة جسديهما بأنفه، تراءت له دمعات والدته ومخاطها الّلتي تحاول مسحهما بقطعة قماش قديمة عبارة عن أطلال جلباب ،تمنى لو كانت هي الأخرى هنا لتودعه باكية وليلقي النظرة الأخيرة على جسدها الّلذي كان سبباً في حبه لها
تذكر شريط حياته معها لقائهما الأول جلساتهما بمقهى الكوبا كابانا وسهراتهما الماجنة تذكر ساديتها وصياحها عند لحظة الأورجازم لم ينس ذلك اليوم اللّذي زفّ لها خبر زواجه وسفره إلى برّا بكت حينها ورمت بالشاورما الّلتي كانت بيدها بينما يلوك هو قطع الّلحم مردداً في نفسه فلتذهبي أيتها القحبة إلى الجحيم فكان يومها آخر لقاء بينهما
يقترب موعد الطائرة وتسترسل الوالدة بالدعوات والنصائح يتفقد جواز سفره وتذكرة الطائرة وبعض الأوروهات الّلتي بدلها بالأمس عوض الدراهم الّلعينة، يودع الجميع فتخونه بعض الدمعات لتسقط باردة على خديه، يخترق بوابة تلو الأخرى مبتعداً عن والدته، لم يعد يرى سوى عكازها الّلتي كانت تلوح له به مودعة إياه، كانت المرة الأولى الّلتي يتسلق فيها الطائرة مزيج من الخوف والفرح تصحبهما لوعة فراق أهله وشوق لقاء زوجته وبين هذا وذاك زمن ثلاث ساعات سيخترق فيها بوابة الزمن إلى عالم آخر وحياة أجمل٠