أختلي ووطني كل مساء،في غرفتي المظلمة الضيقة،تحت ضوء شمعة أمل عصية تكاد لاتنير إلا نفسها،وعلى فنجان قهوة مًُرّة مرورة الحياة أجتر وإياه الذكريات ونتبادل الشكوى.
بوجهه الشاحب وجسمه الهزيل الذي يتكأ به على عصا خشبية مهترئة،يشكو لي وطني ندوب الأعداء على جدرانه.
دموع مظلوميه التي تسقط عليه كزخات مطر ثقيلة، وساسته الذين يمتصون دم وريده حد التخمة.
خيوله التي تسقط إتباعًا،ورائحة الجثت التي تلفظها بحوره
إرتعش وطني،بكى بحرقة،حاولت أن أكفكف دموعه باحثاً بين أركان الغرفة عن بلسم لمداواة جروحه،تنهد وطني الكبرياء حتى إحترق،فصرت وحيداً في الغرفة دون وطن.
18 mai, 2012
17 mai, 2012
في يوم ميلادك
في يوم ميلادك سيدتي
يكتمل الهلال بدراً بغير ميعاد
تعبق الأرض رائحة زهر الليمون
يمسي المكان فردوساً
وتصدح البلابل في الكون ألحانا
في يوم ميلادك
تقرع طبول العشق
تناجي الأموات
يبعث كل المحبين تحت ضوء القمر
بكفن وزهرة بنفسج
في يوم ميلادك
أطفئ كل شموع البين
أنثر الفضاء زهراً
أزخرف المكان بكلمات العشق
وأوحد كل الفصول لأجلك
أهديك شمساً
ربيعاً
جدولاً
مساءاً أرجوانياً
وقوس قزح
أقيم عرساً قرمزياً على شرفك
أدعوا فيه كل آلهة الحب
نشدو ترنيمة الخلود
ونحكي أساطير العشاق
في يوم ميلادك
نمرح قصياً حد السكون
نميط اللثام عن جسدينا
نمتزج سوياً
ونرسو في ميناء الغواية
يكتمل الهلال بدراً بغير ميعاد
تعبق الأرض رائحة زهر الليمون
يمسي المكان فردوساً
وتصدح البلابل في الكون ألحانا
في يوم ميلادك
تقرع طبول العشق
تناجي الأموات
يبعث كل المحبين تحت ضوء القمر
بكفن وزهرة بنفسج
في يوم ميلادك
أطفئ كل شموع البين
أنثر الفضاء زهراً
أزخرف المكان بكلمات العشق
وأوحد كل الفصول لأجلك
أهديك شمساً
ربيعاً
جدولاً
مساءاً أرجوانياً
وقوس قزح
أقيم عرساً قرمزياً على شرفك
أدعوا فيه كل آلهة الحب
نشدو ترنيمة الخلود
ونحكي أساطير العشاق
في يوم ميلادك
نمرح قصياً حد السكون
نميط اللثام عن جسدينا
نمتزج سوياً
ونرسو في ميناء الغواية
13 mai, 2012
جرح السنين
في طريقها المفضي إلى الفراغ،وبعينين مسكونتين بالجوع،لا إسم لها،عارية من كل إنتماء،تبحر كل غروب،عبر غياهب المجهول إلى جوف الليل،إلى أقصاه،تقاوم العتمة وعصف الريح بشهقة وبضع تنهيدات،توصد فؤادها خشية كل مد عاطفي،تنفخ بروحها على مشاعرها كلما همت بالاشتعال،ماتعيه أنها شخص غير عادي في زمن غريب،مجبرة على المبالغة على التأوه في حضن كل الرجال،كل المارون من هنا،ترتشف لذتهم لتتحول بداخلها إلى أحزان،تنظر في صمت بعيداً إلى السماء، تبحث عن أطلال إنسانيتها وبقايا روح،فلا تجد تلملم ماتبقى من أنفاسها،تحملها إلى اللاهناك،تحت مطر الخريف حيث هي واللاأحد
12 mai, 2012
رقصة الآلهة
في العينين المسكونتين بالجوع
في موت الفراشات
في نشيج الأطفال
في تنهيدات العشاق وثنايا الحنين
في الأبواب الموصدة
في الخبز الحافي وبين الجدران الضيقة
في عاهات الكينونة
في الأجساد المتوهجة كالفحم
في نكهات الآلام والوسائد المبللة
في الحرب وتراب المقابر
في الجثت المثناترة
في رائحة الدم وصوت الموت
في الغارات وصفارات الإنذار
في بحة الثكالى
في دمى البنات المتكسرة
في قصائد الشعر الحزينة
تتسلى الآلهة
تتلذذ
وتنتشي برقصها الشركسي
في موت الفراشات
في نشيج الأطفال
في تنهيدات العشاق وثنايا الحنين
في الأبواب الموصدة
في الخبز الحافي وبين الجدران الضيقة
في عاهات الكينونة
في الأجساد المتوهجة كالفحم
في نكهات الآلام والوسائد المبللة
في الحرب وتراب المقابر
في الجثت المثناترة
في رائحة الدم وصوت الموت
في الغارات وصفارات الإنذار
في بحة الثكالى
في دمى البنات المتكسرة
في قصائد الشعر الحزينة
تتسلى الآلهة
تتلذذ
وتنتشي برقصها الشركسي
06 mai, 2012
صمت...موت...إنتقال
صمت رهيب يعمّ المكان،لاشيء يكسره سوى أنفاسه المتسارعة وطرطقات أصابعه من حين إلى آخر، يكره الصمت،يذكره دوماً بالموت، يعي جيداً أنه سيصمت حين يموت،يكره الموت كذلك،يحاول فهم فلسفتها،حقيقتها،تلك الثنائية التي تجمع الروح بالجسد،لكن لاجدوى،علموه أن لايتسائل عن أشياء إن تبدى له تسؤه.
ألقى بجسده على الأريكة متأملاً كل شيء من حوله تارة،ومداعباً شيئه تارة أخرى،استحضر كل الذين رحلوا عن هذا العالم الرديء لقد كانوا هنا ذات ليلة،يتأملون مثله يحكّون مؤخراتهم ويداعبون أجهزتهم التناسلية يصرخون،يبكون،يتناكحون ويتناسلون
هي عجلة الحياة التي إخترعها الرب حينما كان وحيداً يعتلي عرشاً على الماء،خلق السماوات والأرض،ثم جاء بالإنسان ذات عصر جمعة الذي إخترع الحب والحقد والخبز والآلة والكمبيوتر،في النهاية سيفنى الكل،ويبقى وجه الرب وحده وآلاف الكومبيوترات التي لن يحتاجها أحد.
لم جعل الرب لنفسه الخلود وجعل لي الموت يتسائل الشيطان الذي بداخله؟ يستغرب يتعجب،يرسم علامة استفهام كبيرة فوق رأسه لِم يوجِدُني أصلاً؟
يستحضر نيكوس كازانتزاكيس في روايته الشهيرة زوربا
*********************************
"أما أنا فقد كنت موجودًا! في صباح أحد الأيام، نهض الربُّ حزينًا وهو يقول لنفسه: "كيف أكون ربًّا وليس لديَّ أيُّ عبيد يصلُّون لي، ويضيئون الشموع لي ويحرقون البخور، ويحلفون باسمي، وأحاول أن أقضي وقتي بهم! لقد مللت العيش وحيدًا، كأني موجة منسية."
*************************************
يعيد الشيطان الذي بداخله السؤال،أحقاً لست سوى مجرد دمية في يد الرب؟ يضحك،يخال نفسه كدمية سمينة برأس كبيرة وخيوط رفيعة يصل مداها إلى عنان السماء،يمسك الرب بخيوطه،يحك مؤخرته تارة ويداعب شيئه تارة أخرى،يحشو سبابته بأنفه ليصنع كويرة صغيرة من مخاطه،يجعله الرب سعيداً يوماً وتعيساً أياماً،وحده من يحركه كيفما ومتى وأين شاء،وماإن ينتهي يسحب الخيوط بشدة،فتتقطع أوصاله وتزهق روحه ثم تنتهي لعبة الحياة.
حينها ستبكي كل الدمى وتسرع لطمره مخافة أن يصبح جيفة نتنة بينها ظنا منها أنها تكرمه،ستدوسه الأقدام،وتتلاعب بجسده الديدان،وتعود كل دمية إلى مضجعها ستأكل،تضحك،تجامع شريكها،تتنتشي،تتأوه،تصرخ،تعربد،تشهق ثم تنام.
ألقى بجسده على الأريكة متأملاً كل شيء من حوله تارة،ومداعباً شيئه تارة أخرى،استحضر كل الذين رحلوا عن هذا العالم الرديء لقد كانوا هنا ذات ليلة،يتأملون مثله يحكّون مؤخراتهم ويداعبون أجهزتهم التناسلية يصرخون،يبكون،يتناكحون ويتناسلون
هي عجلة الحياة التي إخترعها الرب حينما كان وحيداً يعتلي عرشاً على الماء،خلق السماوات والأرض،ثم جاء بالإنسان ذات عصر جمعة الذي إخترع الحب والحقد والخبز والآلة والكمبيوتر،في النهاية سيفنى الكل،ويبقى وجه الرب وحده وآلاف الكومبيوترات التي لن يحتاجها أحد.
لم جعل الرب لنفسه الخلود وجعل لي الموت يتسائل الشيطان الذي بداخله؟ يستغرب يتعجب،يرسم علامة استفهام كبيرة فوق رأسه لِم يوجِدُني أصلاً؟
يستحضر نيكوس كازانتزاكيس في روايته الشهيرة زوربا
*********************************
"أما أنا فقد كنت موجودًا! في صباح أحد الأيام، نهض الربُّ حزينًا وهو يقول لنفسه: "كيف أكون ربًّا وليس لديَّ أيُّ عبيد يصلُّون لي، ويضيئون الشموع لي ويحرقون البخور، ويحلفون باسمي، وأحاول أن أقضي وقتي بهم! لقد مللت العيش وحيدًا، كأني موجة منسية."
*************************************
يعيد الشيطان الذي بداخله السؤال،أحقاً لست سوى مجرد دمية في يد الرب؟ يضحك،يخال نفسه كدمية سمينة برأس كبيرة وخيوط رفيعة يصل مداها إلى عنان السماء،يمسك الرب بخيوطه،يحك مؤخرته تارة ويداعب شيئه تارة أخرى،يحشو سبابته بأنفه ليصنع كويرة صغيرة من مخاطه،يجعله الرب سعيداً يوماً وتعيساً أياماً،وحده من يحركه كيفما ومتى وأين شاء،وماإن ينتهي يسحب الخيوط بشدة،فتتقطع أوصاله وتزهق روحه ثم تنتهي لعبة الحياة.
حينها ستبكي كل الدمى وتسرع لطمره مخافة أن يصبح جيفة نتنة بينها ظنا منها أنها تكرمه،ستدوسه الأقدام،وتتلاعب بجسده الديدان،وتعود كل دمية إلى مضجعها ستأكل،تضحك،تجامع شريكها،تتنتشي،تتأوه،تصرخ،تعربد،تشهق ثم تنام.
05 mai, 2012
الحانة القديمة
١
الطريق إلى الخمارة القديمة،يمر عبر زقاق ضيق طويل،تتوسطه بيوت عالية تتفاوت في لون طلائها الخارجي.
ككل مساء أنثر خطواتي للوصول إلى هناك،ألج الخمارة،روادها كبؤساء فيكتور هيجو،مصطفين على رصيف الحياة،مطأطئي الرؤوس من شدة الثمالة،وقناني البيرة الرخيصة تؤتث طاولات مهترئة تصدر أزيزاً مزعجاً كلما هم نديمها بالحراك.
هنا السكارى كإسفنجة أبي مظفر النواب في قصيدته (الحانة القديمة)
***********************
المشربُ ليس بعيداً
ما جدوى ذلكَ، فأنتَ كما الاسفنجةِ
تمتصُ الحاناتِ ولا تسكر
*******************************
هكذا أجد بؤساء هيجو المساكين،منهم من يحاول فقدان الوجود فلا يستطيع،ومنهم من خرج للتو من معركة عاطفية بقلب متورم،ومنهم من يحاول أن يتحرر من رائحة عطر إمرأة لازال عالقاً بأنفه،ومنهم من سقط ضحية عاهرة من الدرجة الثالثة يحدد وإياها سعر ليلة على فراش يجمع جسديهما ويوحد نتانتهما.
٢
في ركن منزو من الحانة،تقبع فتيحة،بلغت من العمر أعتاه،قضت معظمه في تغيير الرجال والأسرّة،أضحت خبيرة عالمها الليلي وكائناته،تعرف رجاله،نساؤه،شواذه،عاهراته،قواديه،قائميه متجهديه،معتكفيه،وحيواناته الليلية،من يبحث عن حسنة،ومن ينقب عن لذة عابرة.
بعدما لم تجد عالماً يتسع لأحلامها باتت فتيحة تنفث كل شيء مع دخان سيجارتها الرخيصة،حتى أضحت مجرد جسد مزقته آلة الزمن،وجه بلا ملامح جسد بلا روح لاينتشي ولايتأوه.
لكل فلسفته للحياة ولكل نظرته لها،المهم أن نتعايش،أن نعيش،وندع الآخر يعيش،هكذا حدثتني فتيحة ذات ليلة بعد أن أخذت نفساً طويل من سيجارتها(اللوكا) عشقها الأول والأخير،لاأعرف لما تذكرني دوماً فتيحة بسيدوري صاحبة الحانة في ملحمة جلجامش؟ ربما لأن كليهما تنطقا بحكمة.
٣
وجوه بلا ملامح مرت من هنا،وأخرى عابرة،وجوه تشبهني،ومثيلاتها رحلت في صمت،ووجوه تأبى أن تفارق مخيلتي.
لازلت أتذكر إدريس،شاعر المدينة البوهيمي وزبون الحانة الوفي،ببذلته الخضراء الكلاسيكية،وتسريحة شعره العجيبة التي تشبه إلى حد ما تسريحة قدماء نجوم السينما،لم يكن إدريس يبرح مكانه بالحانة،كانت بمثابة بيته الثاني ومأواه الأبدي،بداخلها ألف اشعاراً،وعلى طاولاتها سطر خواطراً،لاينطق إلا شعراً،جالسته غير مامرة ،تلا على مسامعي آلاف الأبيات الموزونة التي كان يدونها على ورق يلتقطه من الأرض ليعيده إليها بعد أن يقتنع أن الشعر لايشتري خبزاً،هكذا حدثني يوماً،قبل أن يرحل ذات ليلة باردة ممطرة،دون أن يودعنا ودون أن ينال من الحياة نعمها،سكت إدريس عن الكلام،توقفت كلماته في حلقه،لم تعد أشعاره تؤتث فضاء الحانة كما عهدناها،هو الموت أصر أن يحمله إلى هناك حيث الصمت الابدي.
الطريق إلى الخمارة القديمة،يمر عبر زقاق ضيق طويل،تتوسطه بيوت عالية تتفاوت في لون طلائها الخارجي.
ككل مساء أنثر خطواتي للوصول إلى هناك،ألج الخمارة،روادها كبؤساء فيكتور هيجو،مصطفين على رصيف الحياة،مطأطئي الرؤوس من شدة الثمالة،وقناني البيرة الرخيصة تؤتث طاولات مهترئة تصدر أزيزاً مزعجاً كلما هم نديمها بالحراك.
هنا السكارى كإسفنجة أبي مظفر النواب في قصيدته (الحانة القديمة)
***********************
المشربُ ليس بعيداً
ما جدوى ذلكَ، فأنتَ كما الاسفنجةِ
تمتصُ الحاناتِ ولا تسكر
*******************************
هكذا أجد بؤساء هيجو المساكين،منهم من يحاول فقدان الوجود فلا يستطيع،ومنهم من خرج للتو من معركة عاطفية بقلب متورم،ومنهم من يحاول أن يتحرر من رائحة عطر إمرأة لازال عالقاً بأنفه،ومنهم من سقط ضحية عاهرة من الدرجة الثالثة يحدد وإياها سعر ليلة على فراش يجمع جسديهما ويوحد نتانتهما.
٢
في ركن منزو من الحانة،تقبع فتيحة،بلغت من العمر أعتاه،قضت معظمه في تغيير الرجال والأسرّة،أضحت خبيرة عالمها الليلي وكائناته،تعرف رجاله،نساؤه،شواذه،عاهراته،قواديه،قائميه متجهديه،معتكفيه،وحيواناته الليلية،من يبحث عن حسنة،ومن ينقب عن لذة عابرة.
بعدما لم تجد عالماً يتسع لأحلامها باتت فتيحة تنفث كل شيء مع دخان سيجارتها الرخيصة،حتى أضحت مجرد جسد مزقته آلة الزمن،وجه بلا ملامح جسد بلا روح لاينتشي ولايتأوه.
لكل فلسفته للحياة ولكل نظرته لها،المهم أن نتعايش،أن نعيش،وندع الآخر يعيش،هكذا حدثتني فتيحة ذات ليلة بعد أن أخذت نفساً طويل من سيجارتها(اللوكا) عشقها الأول والأخير،لاأعرف لما تذكرني دوماً فتيحة بسيدوري صاحبة الحانة في ملحمة جلجامش؟ ربما لأن كليهما تنطقا بحكمة.
٣
وجوه بلا ملامح مرت من هنا،وأخرى عابرة،وجوه تشبهني،ومثيلاتها رحلت في صمت،ووجوه تأبى أن تفارق مخيلتي.
لازلت أتذكر إدريس،شاعر المدينة البوهيمي وزبون الحانة الوفي،ببذلته الخضراء الكلاسيكية،وتسريحة شعره العجيبة التي تشبه إلى حد ما تسريحة قدماء نجوم السينما،لم يكن إدريس يبرح مكانه بالحانة،كانت بمثابة بيته الثاني ومأواه الأبدي،بداخلها ألف اشعاراً،وعلى طاولاتها سطر خواطراً،لاينطق إلا شعراً،جالسته غير مامرة ،تلا على مسامعي آلاف الأبيات الموزونة التي كان يدونها على ورق يلتقطه من الأرض ليعيده إليها بعد أن يقتنع أن الشعر لايشتري خبزاً،هكذا حدثني يوماً،قبل أن يرحل ذات ليلة باردة ممطرة،دون أن يودعنا ودون أن ينال من الحياة نعمها،سكت إدريس عن الكلام،توقفت كلماته في حلقه،لم تعد أشعاره تؤتث فضاء الحانة كما عهدناها،هو الموت أصر أن يحمله إلى هناك حيث الصمت الابدي.
Inscription à :
Articles (Atom)