صباح سائب ككسرة خبز يابسة في زمن يشبهها كعاهرة أو أشد منها عهراً،صباح رديء،مقفر،كحرف غير منقوط.
لاأحد في الشارع سواها تحرثه جيئة وذهابا،لاصوت يعلو فوق صوت ريح صرصر يلهو بأوراق صفراء ذابلة غادرت على حين خريف أمها الشجرة وإستقرت على ناصية الطريق،نعيق غربان تحلق فوق خط الموت،لا أجساد تعكسها واجهات المتاجر.لاباعة متجولون،لاأولاد يلهون،لاعربات مجرورة،لامتسولون،ولازبائن يقايضون بثمن بخس جسدها المنخور.
كل ماحولها بارد كجبل جليدي،أو كموت.
صمت قاتل،وسكون يعمان الفضاء،لايكسرهما سوى جرس الكنيسة المجاورة الذي يدق إحتفالا بميلاد المسيح وإصطكاك أسنانها من شدة القر.
كل شيء يشعرها بالغثيان،بالجوع،وبالبرد وحدها دموع إنذرفت حين غفلة من مقلتيها كانت دافئة على خديها،تذكرت جميع زبائنها يحتفلون،يبتهجون بميلاد الرب أو إبن الرب،أو المسيح،أو الروح القدس،أو إبن مريم،تاهت بين أسماء هذا المقدس الذي تكفر به،وهي تعض على رغيف يابس وتتساءل عن من الأولى بالتقديس هل هو الرب الذي لم يحقق لها ولو واحدة من أمنياتها المصلوبة على صدر السماء،أم بني البشر الذي يعيد ترميم ماأفسده الرب،لاتدري،ولم يجبها أحد عن سؤالها الخبيث،بصقت على الأرض من شدة الغضب،ورغبة جامحة تجتاحها لغرز شوكة في هذه الكرة التي تسمى أرض،تابعت حرث أرجاء المدينة بحثا عن زبون كافر يمنحها عشاء ليلتها مقابل لذة عابرة،مشت حتى أنهكها المسير،رمت بجسدها تحت صفصافة،صلبته كمسيح،علقت أمنياتها الأخيرة عليها وجلست ترتجي موتها هناك.