صمت رهيب يعمّ المكان،لاشيء يكسره سوى أنفاسه المتسارعة وطرطقات أصابعه من حين إلى آخر، يكره الصمت،يذكره دوماً بالموت، يعي جيداً أنه سيصمت حين يموت،يكره الموت كذلك،يحاول فهم فلسفتها،حقيقتها،تلك الثنائية التي تجمع الروح بالجسد،لكن لاجدوى،علموه أن لايتسائل عن أشياء إن تبدى له تسؤه.
ألقى بجسده على الأريكة متأملاً كل شيء من حوله تارة،ومداعباً شيئه تارة أخرى،استحضر كل الذين رحلوا عن هذا العالم الرديء لقد كانوا هنا ذات ليلة،يتأملون مثله يحكّون مؤخراتهم ويداعبون أجهزتهم التناسلية يصرخون،يبكون،يتناكحون ويتناسلون
هي عجلة الحياة التي إخترعها الرب حينما كان وحيداً يعتلي عرشاً على الماء،خلق السماوات والأرض،ثم جاء بالإنسان ذات عصر جمعة الذي إخترع الحب والحقد والخبز والآلة والكمبيوتر،في النهاية سيفنى الكل،ويبقى وجه الرب وحده وآلاف الكومبيوترات التي لن يحتاجها أحد.
لم جعل الرب لنفسه الخلود وجعل لي الموت يتسائل الشيطان الذي بداخله؟ يستغرب يتعجب،يرسم علامة استفهام كبيرة فوق رأسه لِم يوجِدُني أصلاً؟
يستحضر نيكوس كازانتزاكيس في روايته الشهيرة زوربا
*********************************
"أما أنا فقد كنت موجودًا! في صباح أحد الأيام، نهض الربُّ حزينًا وهو يقول لنفسه: "كيف أكون ربًّا وليس لديَّ أيُّ عبيد يصلُّون لي، ويضيئون الشموع لي ويحرقون البخور، ويحلفون باسمي، وأحاول أن أقضي وقتي بهم! لقد مللت العيش وحيدًا، كأني موجة منسية."
*************************************
يعيد الشيطان الذي بداخله السؤال،أحقاً لست سوى مجرد دمية في يد الرب؟ يضحك،يخال نفسه كدمية سمينة برأس كبيرة وخيوط رفيعة يصل مداها إلى عنان السماء،يمسك الرب بخيوطه،يحك مؤخرته تارة ويداعب شيئه تارة أخرى،يحشو سبابته بأنفه ليصنع كويرة صغيرة من مخاطه،يجعله الرب سعيداً يوماً وتعيساً أياماً،وحده من يحركه كيفما ومتى وأين شاء،وماإن ينتهي يسحب الخيوط بشدة،فتتقطع أوصاله وتزهق روحه ثم تنتهي لعبة الحياة.
حينها ستبكي كل الدمى وتسرع لطمره مخافة أن يصبح جيفة نتنة بينها ظنا منها أنها تكرمه،ستدوسه الأقدام،وتتلاعب بجسده الديدان،وتعود كل دمية إلى مضجعها ستأكل،تضحك،تجامع شريكها،تتنتشي،تتأوه،تصرخ،تعربد،تشهق ثم تنام.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire