السادسة بزمن العبث الدنيوي،إستيقظ بعد ليلة رديئة قضاها في ركن معتم من الحياة بين جدران إبتلعت ماتبقى من حلمه وسقف إنهال عليه من أليم الذكرى.
جلس يقاوم الصقيع ورائحة العدم اللذان يغمران المكان،لاشيء يبدد ذاك القر لحظتها غير تنهيدة أطلقها كأنها الطوفان أخرج معها كمية الأوكسيجين القابعة داخل رئتيه.
كجرو صغير صعد للتو من مستنقع حرك جسده الأجوف بشدة،صدر عنه صدى أنين داخلي وآهات ماعاد يملك سواهما.
برح سريره البارد،سار فوق نكهة المرار حاملاً جمجمته الفارغة بين كتفيه ليطهرها من درن الخواء،غدت المسافة بين غرفته الكئيبة والحمام تلفظ خطواته المقززة التي اعتادت عليها،وحدها تلك المسافة من تعلم جغرافيته وتفاصيله الصغيرة المملة،تتآمر عليه،تصنع له فخاً كلما حاول التحليق خارج نفسه والسعي نحو عالم جديد.
كأخرس يحاول بعسر تحريك لسانه المعتقل بين فكيه ليلعن الصمت بداخله،ليصرخ في وجه الزمن،يحاول، يعيد الكرّة،فلا يستطيع،يفتح الصنبور الصدأ،يملأ كفيه بقطرات ماء باردة كتلك البرودة التي تجري مجرى الدم في شرايينه،يضربهما على جبينه،يطل بوجهه على أطلال مرآة لم يزل غير نصفها،فتصر هي الأخرى أن تعكس شحوب وبشاعة الزمن على محياه،أضحى الأمر معتاداً بالنسبة إليه،هي تجربة موت أخرى لكائن لم يذق بعد لذة الحياة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire